عدد المساهمات : 1784 تاريخ التسجيل : 23/05/2012 العمر : 33 الموقع : البصرة
موضوع: طعام الطفل- اسلوب حياة الأحد ديسمبر 15, 2013 9:20 pm
إن أطفالنا في خطر، وإذا لم يضطلع أولياء الأمور بمسئولياتهم، يتوجب على المدارس أن تبادر إلى القيام بهذا الدور، وعلى الدولة أن تتأكد أن المدارس لا يتوفر فيها ماكينات البيع المكدسة بأنواع مختلفة من المقرمشات، وقوالب الشيكولاته وزجاجات المشروبات الغازية.
عندما بدأت ديانا كارني، الخبيرة الاقتصادية، في تقديم نصائحها الخاصة بالعودة للمدرسة لأولياء الأمور، لم تنس أن تذكر على صفحات موقعها أي شيء من شأنه أن يوفر لأولياء الأمور كل بنس حتى لو تعلق الأمر بشراء أقلام الرصاص التي تدوم طويلًا، فهي تروج لفكرة ضرورة الاهتمام بكل صغيرة وكبيرة ولمفهوم استخدام الأدوات المدرسية لأطول فترة ممكنة طالما أنها مازالت تؤدي الوظيفة المطلوبة منها. لكن كارني في الواقع نسيت أن تنبه الوالدين لشيء هام جدًا وهو ضرورة الاهتمام بصحة أطفالهم.
فمن المهم التأكد من أن أطفالك ينهضون لبعض الوقت من أمام شاشات التليفزيون أو الحاسب الآلي (الكمبيوتر) ويتحركون هنا أو هناك على سبيل التريض البدني، فقد أظهرت دراسة علمية جديدة أن عددًا قليلًا للغاية فقط من الأطفال يحرص على أداء هذا الأمر. ويقول الباحثون من كلية لندن إن نصف الأطفال البالغين من العمر سبع سنوات يمارسون «نشاطًا بدنيًا» لأقل من ساعة يوميًا، أما البنات فيمارسن فترة أقل. فالبنات ربما قضين فترة الصيف الماضي وبالهن مشغول بالرغبة في أن يتمتعن بلياقة بدنية مثل أبطال الأولمبياد، ولكنهن قررن في النهاية كسائر البريطانيين، أن مشاهدة الرياضة على شاشات التليفزيون شيء، والتخلي عن شرب المشروبات الغازية شيء آخر تمامًا.
ورغم أن دراسات علمية مماثلة تتوصل كل أسبوع تقريبًا لنفس النتائج، إلا أننا نسمن أكثر ونصبح أكثر عرضة للاصابة بالبدانة، وتصاب أجسامنا بالترهل، ونعتاد على الكسل والخمول. وكما أوضح كبير الطهاة البريطاني الشهير، جايمي أوليفر، فإن الطعام الجيد لا يشترط أن يكون غالي أو باهظ الثمن، لكن الناس يلجأون إلى خيار الوجبات الجاهزة بدلًا من ذلك. ومن ثم، أصبح من المعتاد أن نسمع كلمات «بدانة»، و«مرض السكر»، و«خطر». واعتدنا على عدم الاهتمام، لكن هذا لسوء الحظ سببه أننا لم نعد نفكر في المعنى الحقيقي لهذه الكلمات.
إن الإصابة بالسمنة ستجعل الطفل مريضًا على الأرجح، ومن شأنها أن تجعل الشخص البدين يشعر بالتعب والفتور والوهن. وقد تحدثت عن هذا المرض منذ أسابيع مضت مع إحدى العائلات التي كنت أزورها في جنوب ويلز، رغم أن زيارتي للمكان لم تكن للحديث عن الصحة. لقد زرت المكان للحديث عن البطالة، وجرى تناول الأشياء ذات العلاقة بالصحة بشكل عارض، وورد الحديث عن النوبات القلبية وداء الربو وتصلب الشرايين وآلام الظهر، بل والساق. نعم، آلام الساق التي تضطر امرأة في الأربعينيات من العمر إلى بتر ساقها، وأمراض الرئة التي تجبر المرء على ملازمة مقعده بسبب غلالة الدخان التي اعتاد أن يعيش فيها.
الحقيقة، أن جميع السيدات اللاتي رأيتهن في تلك القرية الصغيرة كنّ كبيرات، ويبدو أن السيدات اللائي يعشن في المناطق المحرومة اجتماعيًا من الخدمات يملن إلى الظهور بمظهر كبار السن، بما يخالف عمرهن الحقيقي الأصغر. (وفي هذا السياق، تذكر وزارة الصحة الوطنية البريطانية أن 30% من النساء المصنفات بأنهن أكثر الفئات المحرومة في المجتمع هن من البدينات). ورغم أن النساء في جميع أنحاء المجتمع الغربي أصبحن بشكل متزايد من كبار السن، إلا أن النساء البريطانيات هن الأكبر في السن في أوروبا الغربية.
وهذه ليست نكتة أو مزحة، بل أنها في الحقيقة عكس ذلك تمامًا. فنحن نعرف ما الذي يجعل الناس بدناء. إن النظام الغذائي السيئ هو السبب في هذه المشكلة، وليس النقص في ممارسة التمرينات الرياضية، ولا الطهي غير السليم، أو عدم أكل الفواكه بشكل كاف، وأكل السكريات بشكل زائد، وشرب المشروبات الغازية بإفراط. وتزداد الأزمة مع أولياء الأمور الذين لا يهتمون بشكل كاف بما يتناوله الأطفال.
لابد للجهات المعنية أن تقوم بالمزيد، فيجب عليها أن تعلن أن ممارسة الرياضة لمدة ساعتين أسبوعيًا في المدرسة ليس أمرًا «مرغوبًا» فقط، لكنها يجب أن تكون جزءًا أساسيًا وجوهريًا في تعليم الطفل، وينبغي أن تتأكد أن المدارس لا يوجد بها ماكينات لبيع المقرمشات والبطاطس والشيكولاته والمشروبات الغازية. وأيضًا أن تتولى القيام بما اقترحه المختصون والمتمثل في إنفاق 900 مليون جنيه استرليني سنويًا على منح جميع أطفال المدارس الابتدائية وجبة مدرسية مغذية مجانية، وهذا الإنفاق سيمثل توفيرًا على المدى الطويل.
ويجب على المدارس أن تعلم الطلاب كيفية الطهي والأكل، وأن الطعام الصحي يمكن أن يُعد بشكل رخيص وغير مكلف، كما قال كبير الطهاة جايمي أوليفر. ولكن ينبغي على المدارس أيضًا أن تعلم طلابها كيف يكونون أولياء أمور جيدين في المستقبل. وعندما يفشل أولياء الأمور في أداء المطلوب منهم، على المدارس أن تحملهم المسئولية وتعّرضهم للمساءلة. فعندما يصاب الأطفال بالسمنة، يجب على المدرسة أن تستدعي أولياء الأمور لوضع خطة معًا للتأكد من أن الترهل النسبي الذي بدأ يظهر على الطالب لن يتحول إلى مشكلة طبية يعاني منها الطالب مدى الحياة.
إن حديثنا في هذا المجال ليس من قبيل التحدث عن «أسلوب حياة» أو عن اختيارات، بقدر ما هو تشديد على ضرورة تعلم الآباء وأولياء الأمور أن الحفاظ على الطفل بصحة جيدة ليس دائمًا من المهام الملقاة على عاتق الآخرين فقط.