هذه قصيدة انشدها الامام علي الهادي عليه السلام في ديوان المتوكل عندما استدعاه ليرى كيف الشعراء تمجده وتتغنى بامواله وقصوره فاجابه الامام بهذه القصيده التي جعلته مغموما" مهموما" لايام واسابيع وهي :
باتوا على قللِ الجبـال تحرسُهـم *** غُلْبُ الرجالِ فمـا أغنتهـمُ القُلـلُ
واستنزلوا بعد عزّ مـن معاقلهـم *** وأودعوا حفراً يابئس مـا نزلـوا
ناداهمُ صارخٌ من بعد مـا قبـروا *** أين الاسـرّة ُوالتيجـانُ والحلـلُ
أين الوجوه التـي كانـتْ منعمة ً*** من دونها تُضربُ الأســتارُ والكللُ
فافصـحَ القبـرُ حيـن سـاء لهم *** تلك الوجوه عليها الــدودُ يقتتـلُ
قد طالما أكلوا دهراً وما شربـوا *** فأصبحوا بعد طول الأكلِ قــد أكلوا
وطالما عمّـروا دوراً لتُحصنهـم *** ففارقوا الدورَ والأهلينَ وارتحلـوا
وطالما كثروا الأموال و ادّخـروا *** فخلّفوها إلى الأعــداء وانتقلـوا
أضحت منازلُهـم قفـراً معطلـة ً*** وساكنوها إلى الأجداث قد رحلـوا
سـل الخليفة َإذ وافـت منيتـهُ *** أين الحماة وأين الخيلُ والخـــولُ
أين العبيد التي أرصـدتهم عددا *** أين الحــديد وأين البيض والأسلُ
أين الفوارس والغلمان ماصنعوا *** أين الصــــوارم والخطية الذبلُ
أين الرماة ُألم تُمنع بأسهمِهـمْ *** لمّا أتتـك سهـامُ المـوتِ تنصـلُ
أين الكماة ُالتي ماجوا لما غضبوا *** أين الحماة التي تُحمى بهـا الدولُ
ولا الرشا دفعتـها عنك لو بذلوا *** ولا الرقى نفعت فيهــا ولا الحيلُ
ما ساعدوك ولا وافاك أقــربهم *** بل ســلموك لها يابئس ما فعلوا
ما بال قبرك وحشـاً لا أنيس به *** يغشاك من كنفي الروع والوهــلُ
ما بال قصـرك لا يأنس به أحد *** ولا يطــــوف به من بينهم رجلُ
ما بال ذكــرك منسياً ومطرحاً *** وكلهــــم باقتسام المال قد شغلوا
لا تنكرن فما دامت على مــلك *** إلا اناخ عليــــه الموت والوجلُ
وكيف يرجو دوامَ العيش متصلاً *** وروحه بحبالِ المـوتِ تتصـــلُ
وجسمه لبنيان الـردى عرض *** وملكـــه زائل عنـــه ومنتقـل
ُ