عدد المساهمات : 1784 تاريخ التسجيل : 23/05/2012 العمر : 33 الموقع : البصرة
موضوع: نيوساوث ويلز---طبيعة ساحرة الأربعاء نوفمبر 21, 2012 11:00 am
تتألف الصورة النمطية المحفورة في ذهن الكثيرين عن استراليا، من أراضٍ حمراء اللون وصخور من الحجر الرملي تتلألأ في القيظ، غير أن هذه الصورة تتغيّر تماماً عند التجول على سبيل المثال في شمال ولاية نيو ساوث ويلز، فمن ينعطف من الطريق الساحلي الممتد بين سيدني وبريزبين بالقرب من كوفس هاربور باتجاه الغرب، فسوف يتجول في رحاب غابات خضراء وتقع عينه كل عدة كيلومترات على شلالات ساحرة. وتتجلى هذه الصورة في طريق التجول Waterfall Way «طريق الشلالات» الذي يربط بين المحيط الهادي ومنطقة تصطبغ بطابع ريفي تماماً. قبل أن تشير عقارب الساعة إلى السادسة صباحاً يكون أوائل راكبي الأمواج قد نزلوا إلى المياه. وفي هذه الأثناء ترعى مجموعة من حيوان الكانغارو الرمادي الشرقي في اللسان الأرضي «Look-at-me-now-Headland» غير عابئين ببعض الأشخاص الذي يعدون بالقرب منهم. هكذا يبدأ اليوم بسلام في المنطقة التي تمتد في المحيط الهادي على هيئة لسان أرضي شمالي مدينة كوفس هاربور، ويقال إن الاسم الذي تحمله هذه المنطقة يرجع إلى سيدة كانت تتابع في عام 1890 سباقاً للخيول وتعرضت ثيابها للاتساخ أثناء ذلك، فصرخت وهي في قمة غضبها :«Look at me now! » (انظر إلى حالاً!). ولا يخيم الهدوء على المنطقة بقية اليوم كما كان عليه الحال في الصباح الباكر، فمدينة كوفس هاربور هي منتجع سياحي من الطراز الأول كما أنها في الوقت نفسه مدينة تنمو بوتيرة متسارعة. ويجذب المناخ المعتدل الذي تنعم به المدينة السكان والسياح على حد سواء إليها. ويستطيع السائح أن يقضي عطلة طبيعية تماماً على شواطىء كوفس هاربور الخلابة، كما تعد الحديقة البحرية الفريدة من نوعها «Pet Porpoise Pool» المعروفة اختصاراً بـ (PPP) وكذلك المبنى الضخم «Big Banana» المصمم على شكل ثمرة موز، أشهر المعالم السياحية التي تجذب السياح إلى المدينة. ويستمتع السياح الذين يزورون حديقة (PPP) بعروض الزواحف والدلافين التي تنظمها الحديقة يومياً، أما المبنى العملاق «Big Banana» الذي يصل طوله إلى 11 متراً فقد تم تشييده عام 1964، وهو أول مبنى من المباني الضخمة المعروفة باسم «big things» والتي يزيد عددها اليوم على 50 مبنى تنتشر في أستراليا على أطراف الشوارع لتكون بمثابة شواهد على ما يزخر به هذا المنتجع السياحي المتفرد، ويضم هذا المعلم السياحي بين أركانه مجمعاً ترفيهياً. أما من لا تستهويه هذه المعالم السياحية الفنية ويرغب في التجول في أحضان الطبيعة الخلابة، فلا يتعيّن عليه الذهاب بعيداً، فطريق التجول Waterfall Way ليس ببعيد عن هنا، فهو يبدأ جنوب كوفس هاربور بقليل ويمتد أولاً حتى قرية بيللينغن التي وصل إليها أوائل الهيبز في الستينيات من القرن الماضي والتي كان يستوطنها قبل ذلك الحطابون وأصحاب مزارع الألبان على وجه الخصوص، وبعد ذلك جاء إليها الفنانون، أما اليوم فتعتمد المدينة بشكل كبير على السياحة، حيث تجذب هذه القرية السياح إليها بفضل أسلوب الحياة البديل الذي تشتهر به والذي يتجسّد في محال التحف القديمة وصانعي الزجاج إلى جانب المعارض الفنية. ومن يواصل المسير في طريق Waterfall Way متجهاً إلى الغرب، فسرعان ما لن يتمكن من المضي قدماً في هذا الطريق، حيث يتحوّل الطريق إلى طريق جبلي صاعد متعرج تكثر به المنعطفات الحادة. وهنا تتبدى الغابة المطيرة شبه الاستوائية وأول الشلالات المائية الصغيرة ليشكلا سوياً لوحة فنية بديعة. وتدخل مساحات شاسعة على جانبي الطريق الأسفلتي ضمن نطاق الحديقة الوطنية «دوريغو»، وهي إحدى المحميات الطبيعية التي تم إنشاؤها لإنقاذ ما تبقى من الغابة المطيرة الأصلية. وانطلاقاً من المركز السياحي تقود طرق التجوّل إلى الأدغال التي تكتسي باللون الأخضر. وعن أشهر ما يميّز هذه المنطقة المُدرجة على قائمة اليونسكو للتراث العالمي، تقول كاثرين وود من المركز السياحي :"إنها تضم بين جنباتها أكثر من شكل للغابات المطيرة، ألا وهي الغابة المطيرة شبه الاستوائية والغابة المطيرة معتدلة الدفء والغابة المطيرة معتدلة البرودة". ويشرح دليل الغابة للسياح أثناء جولات التنزه أنواع النباتات المختلفة التي تزخر بها هذه المنطقة، كما يمكن للسياح أن يخرجوا في جولات بمفردهم ويتوجهوا مثلاً إلى شلالات كريستال شاور«Crystal Shower Falls» التي تُعد أكثر الأماكن المحببة لالتقاط الصور الفوتوغرافية في المتنزه، وهنا يمتد طريق التجول إلى ما بعد الشلالات. أما من يرغب في مشاهدة الأشجار من أعلى، فيمكنه البقاء في المركز السياحي لاكتشاف عالم قمم الغابات من الممشى (Skywalk) الممتد بطول 70 متراً. وعلى ارتفاع 21 متراً يستطيع السياح الاستمتاع بما تبقى من الغابات المطيرة الأصلية. وبالنسبة لسياح الجولات النهارية، تُعد الحديقة الوطنية «دوريغو» في الغالب نقطة التحول في رحلتهم السياحية، حيث يسلكون بعدها طريق العودة إلى كوفس هاربور، غير أنه يجدر بهم مواصلة المسير، فبدءاً من هنا تزداد المسافات بين الأماكن رويداً رويداً، كما تتغير الألوان التي تكتسي بها الطبيعة، حيث تتخلل الخضرة درجات اللون الأصفر والبني المائل للصفرة شيئاً فشيئاً، إيذاناً بتغيير الطبيعة لجلدها وتحوّلها إلى طبيعة صحراوية. وعلى الرغم من ذلك تتبدى الشلالات الكبيرة بجلاء بدءاً من حديقة «دوريغو»، فبالقرب من الحديقة مباشرة تقع شلالات «دانغار». أما الشلالات الأكثر جمالاً وسحراً فهي شلالات «إيبور» التي تقع على بعد 45 كيلومتراً تقريباً داخل الحديقة الوطنية «جاي فوكس ريفر». وتسقط مياه هذا الشلال إلى الأعماق على مرحلتين، يبلغ ارتفاع المرحلة العلوية 27 متراً، أما المرحلة السفلى فيصل ارتفاعها إلى 63 متراً، ومن يتوقف بسيارته هنا لينعم بهذا المنظر الطبيعي الساحر يكون قد وصل إلى منطقة نائية. وتشير لافتة إعلانية إلى أن أقرب مطعم وجبات سريعة يقع على بعد 168 كيلومتراً. إلا أن السياح ليسوا مضطرين لقيادة السيارة كل هذه المسافة البعيدة من أجل الحصول على قدح من القهوة، لأن مدينة أرميديل تقع على بعد ساعة واحدة فقط بالسيارة من الشلالات. ويضم الطريق إلى هذه المدينة اثنين من المعالم السياحية الجذابة، ألا وهما برج مراقبة «Point Lookout» وشلالات «وولومومبي». ويتيح برج المراقبة «Point Lookout» الذي يصل ارتفاعه إلى 1563 متراً للسياح بانوراما للغابات الممتدة على مدى البصر وتبدو وكأنها غير منتهية، التي تقع داخل الحديقة الوطنية «نيو إنغلاند»، أما شلالات «وولومومبي» فهي جزء من الحديقة الوطنية «أوكسلي وايلد ريفرز»، وبارتفاعها الذي يزيد على 200 متر تعتبر «وولومومبي» أحد أعلى الشلالات في استراليا. وهذه الكلمة مأخوذة من لغة الأبوريغين السكان الأصليين لاستراليا، وهي تعني «مكان التقاء المياه»، وهذه الكلمة تصف بدقة طبيعة هذه الشلالات؛ فبجانب شلالات «تشاندلر» يسقط هنا أيضاً شلال آخر إلى الأعماق.