ahmedrajaa41
عدد المساهمات : 1784 تاريخ التسجيل : 23/05/2012 العمر : 33 الموقع : البصرة
| موضوع: مفهوم الحياء السبت سبتمبر 22, 2012 12:26 pm | |
| الحياء شعبة من شعب الإيمان , هكذا ورد التعريف النبوي . مع ذلك تظل مفردة الحياء مفردة مفتوحة المعاني تدخل تحتها معايير مختلفة لمفهوم الحياء بحسب عادات المجتمع حيناً ,وبحسب عنصر الزمان حيناً . يختلط الأمر كثيراً, عند الحديث حول الحياء , في محاولة تفسيرية وربطه كمنتج أخلاقي نهائي .
الحياء في أصله هو طبع وجبله , لكنه كمنتج نهائي هو سلوك إنساني ينصبُّ في حقل القيم الأخلاقية . الحياء هو درجة أدنى من الخجل , فكما هو معلومٌ أن الخجل قد يتحول إلى مرضٍ نفسي ! وقد تكون نشأته نتيجة التربية في بيئة اجتماعية تكرسُّ مفهوم الخجل وتضخمه على أساس أنه الحياء الذي حسب فهم وثقافة تلك البيئة هو الحياء الممدوح بالحديث النبوي .
إن التغيرات التي تطرأ في حياة المجتمعات , تدفع بها إلى مراجعة العديد من القناعات والعادات والمفاهيم السالفة , وهذا التغيير يأتي كنتاج طبعي يتوافق مع سنن الحياة . من ذلك مفهوم الحياء , وهو كما ذكرنا مفهوم فضفاض غير مقنن , بل أتى مفتوحاً . في مجتمعنا المحلي , من المؤسف أننا قد غيبنا مفهوم الحياء , بل اختلطت(علَّةُ) العيب بمفهوم الحياء ,وتداخل الاثنان . فلو ارتضت امرأة ما , أن تكتفي بالحجاب ,أي لاتغطي وجهها , فإن هناك من سيصف ذلك السلوك بـ( العيب ) ومنهم بـ( قليلة الحياء ) ومنهم من سيتجاوز ذلك بكثير . رغم أن هذا مذهب فقهي , والرأي الآخر هو رأي فقهي اجتهادي .
ذلك الحكم(بالعيب أو/قلة الحياء )ينطلق من خلفية أدلجة فكرية مسوغها التقيد الاجتماعي وليس التفقه الديني . إذن هل سننظر إليه بمنظور شرعي , ونحكم بأنه (قلةٌ في الحياء) ,أو سننظر إليه بمنظور اجتماعي ونحكم بأنه (عيبٌ)؟
في كلتا الحالتين سنجد خلطاً بين مفهومي (العيب ) و(الحياء ) , في مجتمعنا المحلي , كان الشخص قبل أدنى من عشرين عاماً بقليل , كان الرجل يتحرج أن يأكل في سندوتشاً في مكان عام ! لدرجة أن البعض يتحرج من الأكل في مطاعم المحيطة بسكناه !
ليس لشيء , ولكنه (الحياء ) !ومع التطور , أصبحت هذه من المسلمات والسلوكيات الطبعية ! إن توجيه اللوم للآخرين , ووصفهم بقليلي الحياء , يحتاج أن يكون مفهوم الحياء الذي ننطلق منه ذو معايير محددة . حتى لاننصدم , بنتائج غير متوقعة , فليس بالضرورة أن ماتراه صائباً يكون كذلك .
من أقسى التهم أن نتهم الآخرين في أخلاقهم , ونقلل من حيائهم , لمجرد أننا نريد الإصلاح , إذ إن نبل الفكرة , لايبرر القدحَ بالأخلاق . إن السلوكَ عبر الخط الكتابي يختلف عنه في خط الواقع المباشر , فلكلٍّ تقنية تقوم بأدوات خاصة .!
إن لوم الآخرين , بحجة أن ذلك يخالف الحياء , والسير بمنحى الواعظ , مهما تمظهر برداء الناصح الأمين , ذو القلب اللين , والعين الدامعة , والنفس الوجلة , والمحب الخير , يظل منحى لايتسقُ مع لغة العصر وفضائه الحر ! لايزال الكثير من أقوامنا يعزوفون بلغة عاطفية ! إني محبٌّ لكم , إني لكم من الناصحين ! الرسالة الوعظية المباشرة استهلكت , لغة وأسلوباً وصيغة .
إن إقحام العفة كثنائية تلازم الحياء , أمر يفتقر درجة القبول. إذن فالمرأة تضمن بقاءها ضمن دائرة العفة , لابد أن تلتزم حياءً إنكسارياً (رهبانيا) أي لاتتحدث مع البائع ! ولاتدخل محلاً فيه رجال ! هذا العصر لن يسمح لنا بمزوالة الكثير من المهام كـ(رجال) , لابد أن تنطلق المرأة من بؤرة (الخوف والإنكسار) إلى ديجور الأنوار . نور الذات , نور شخصية المرأة الحقيقية كإنسان شريك للرجل , قادرة على حماية نفسها , والحفاظ على العفة بمعناها المنطقي لابمعناها الخرافي . افتقاد العفة لاتعني كما يتوهم البعض / الرد على الهاتف , ولا الخروج مع السائق ,و لا الانطلاق بسيارة الليموزين , ولا العمل بمكان مختلط , و الخروج بالتلفاز ,ولاالكتابة بالصحافة ,ولاالكتابة بالنت ! وإلا كيف نفسر الراقصات ؟! والمومسات ؟! كيف نساوي بين امرأة تعمل في مكان مختلط , أو تكتب في صحيفة , أو تعمل مذيعة في قناة إخبارية , كيف نصفها بفاقدة العفة ,أو قليلة الحياء ؟!
أزمتنا كبرى . تنطلق من أدبيات جيل الصحوة ومانعيشه ليس إلا إفرازات ذلك الخطاب الإيديولوجي , وذلك المدَّ الطاغي , الذي مكث سنوات طويلة فوق المنصة . الأزمة أن هناك من ينطلق في رؤيته للآخرين وللأمور من خلال ذاته وأدلجته الصحوية ! فتأخذه الحمية , يريد أن يصلح هؤلاء الفاسدين المارقين عن الحق . دون مراعاة للحدود العامة , ودون النظر إلى الأمور بواقعية فجيل الصحوة , يعتبر علو الصوت , و(التهجيد ) أسلوباً جيداً ! وهو وإن نجح في زمن , لكنه لن ينجح في زمن آخر ولو ناسب في مكان لن يناسب في مكان آخر . | |
|