عدد المساهمات : 1784 تاريخ التسجيل : 23/05/2012 العمر : 33 الموقع : البصرة
موضوع: قطوف من الحكمة الأربعاء سبتمبر 24, 2014 10:50 am
قطوف من الحكمة
قيل لُقس بن ســاعـدة: ما أفضل المَعرِفة ؟ قال معرفة الرجل نفْســه ؛ قـِيل له : فـمـا أَفضـلُ العِـلْم ؟ قال : وقوف المرء عـند عـِلْـمه ؛ قِيل له: فما أفضلُ المروءة ؟ قال: استبقاءُ الرجل ماء وجهه.
وقال الـحســن: الـتـقـْدِيـر نِـصــف الكـَســب ، والـتـؤدة نِـصـف الـعـقـل ، و حسن طـَلـب الحاجة نِصف العـِلْـم .
وقالوا: لا عقـلَ كالتدبير ، ولا ورع كالكف ، ولا حسب كحسن الخلق ، ولا غِنى كرِضا عن اللّه ، و أَحق ما صبر عليه ما ليس إلى تغييره سبيل.
وقالوا: التفكًر نور ، والغفلة ُ ظلْمة ، و الجهالة ضـلالة ، والعِلم حـيـاة ، و الأول سابق ، والآخِر لاحِق ، والسعِيد من وعِظ بـغـيـره.
حدث أبو حاتم قالِ: حدثني أبو عبيدة قال: حدثني غير واحد من هـوازِنَ من أولي العِلم ، و بعضهم قد أدرك أبوه الجاهلية "أو جده"، قالوا: اجتمع عامر بن الظرِب العـدواني ، و حممة بن رافعِ الدوسي - ويزعـم النـسـاب أنّ ليلى بنت الظَّرب ُأم دوس ، وزينب بنت الظرب ُأم ثقيف "وهو قَيـسـي " – عند مـلـك من ملوك حِمـيـر ، فقال : تـسـاءَلا حتى أَسـمع ما تقولان. فقال عامر ُ لحممة: أين تحِب أن تكون أياديك ؟ قال: عند ذي الرثْية العـدِيـم ، وعند ذي الخلّة الكَريم ، والمعسِر الغريم ، و المستضعف الهضِيم. قال: مـن أحق الناس بالمقْـت ؟ قال: الفَقِير المختال ، والضعيف الصوال ، و العـيي القوال ، قال : فمـن أَحق الناس بالمنع ؟ قال: الحَرِيص الكاند ، والمستميد الحاسد ، والملْحِف الواجِد. قال: فمن أجدر الناس بالصـنـيعة ؟ قال: من إذا أعطى شــكر ، وإذا منِع عـذر ، وإذا مـطِـل صـبـر، وإذا قـدم العـهـد ذكَر . قال: من أكرم الناس عِـشـــرة ؟ قال: من إذا قَـرب مـنـح ، وإذا بـعـد مدح ، وإذا ظلم صـفَـح، وإذا ضويق سمح . قال: مـن ألأم الناس؟ قال: من إذَا سأل خضع، وإذا سئل مـنع، وإذا مـلـك كَـنـع، ظاهِره جـشـع ، و باطنه طَبع. قال: فمن أحـلـم الناس؟ قال: من عـفـا إذا قَدر ، وأجملَ إذا انتصر ، ولم تطْغِه عِزة الظَّفر. قال: فمن أحزم الناس ؟ قال: مـن لا أَخذ رقاب الأمور بيديه ، و جـعـل العواقب نصب عـيـنـيـه ، ونـبـذ التهيب دبـر أذنيه. قال: فمن أَخرق الناس ؟ قال: من ركِب الْخِطار ، واعتـسـف العِـثَار ، و أَسرع في البِدار قبلَ الاقتِدار. قال: من أَجود الناس؟ قال: من بذل المجـهـود ، ولم يأس على المعهود. قال: من أَبلغ الناس ؟ قال: من جـلَّى المعنى المزِيز بالّلفظ الوجيز، وطَبـق المفْصل قبل التحزيز. قال: من أنعم الناس عـيـشـاً؟ قال : من تحلَّى بالعفاف، ورضي بالكَفاف ، و تجاوز ما يخاف إلى ما لا يخاف. قال: فمن أشقى الناس ؟ قال: من حسد على النعم ، وسخِط على القِسم ، واستشعر الندم ، على فوت ما لم يحتم. قال: من أغنى الناس ؟ قال: من اسـتـشـعـر الياس ، وأظْهر التـجـمـل للناس ، واستكثر قليلَ النـعـم ، ولم ِ يـسخـط على القِسم. قال: فمن أحكم الناس ؟ قال: من صـمـت فادكر ، ونـظـر فاعتبر ، و وعِـظ فازدجـر. قال: من أَجهل الناس ؟ قال: من رأى الخرق مغـنـما ، والتجاوز مغـرما .
وقال عمرو بن العاص: ثلاث لا أناة فيهن: المبادرة بالعمل الصالح ، ودفْن الميت ، وتزويج الـكـفء.
وقالوا: ثلاثة لا يندم على ما سلف إليهم: الله عز و جلّ فيما عمل له ، والمَولى الشـكور فيما أسـدى إليه ، والأرض الكَريمة فيما بذر فيها.
وقالوا : ثلاثة لا بقاء لها: ظِلُّ الغـمـام ، و صـحـبـة الأشرار ، والـثـًنـاء الـكـاذب .
وقالوا: ثلاثة لا تكون إلاّ في ثلاثة: الـغـِنـى في النـفـس ، والـشــرف في الـتـواضع ، والكرم في التـقـوى .
وقالوا : ثلاثة لا تـعـرف إلا عند ثلاثة : ذو الـبـأس لا يعرف إلاّ عند اللقاء ، وذو الأمانة لا يعرف إلا عند الأخذ و العطاء ، والإخوان لا يعرفون إلا عند النوائب .
وقالوا: مـن طلب ثلاثة لم يـسـلـم من ثلاثة: مـن طلب المالَ بالكيمياء لم يسلم من الإفلاس ، ومـن طلب الدين بالفَلْسفة لم يـسـلـم من الزندقة ، ومـن طلب الفِقه بغرائب الحديث لم يـسـلـم من الكَذِب.
وقال عـمــر بن الخطّاب رضوان الله عليه: أخو ف ما أخاف عليكم شح مطاع ، وهوى مـتـبع ، وإعجاب المرء بنفسه .
واجتمعت علماء الـعــرب والعجم على أربع كلمات: لا تحمل على ظـَنـك ما لا تطيق، ولا تعـمـل عملاً لا ينـفـعـك ، ولا تـغـتـر بامرأة ، ولا تـثـِق بمال و إن كـثـر .
وقال الرياحـي فيِ خطبته بالـمـِربـد: يا بني رِياح ، لا تحـقِـروا صـغـيـراً تأخذون عنه ، فإني أخذت من الثعلب روغانه ، و من القِرد حِكايته ، و من الـسـنـور ضـرعـه ، ومن الكلب نصرته ، و من ابن آوى حذَره ؛ و لقد تعلَمت من القَمر ســيـر اللَّيل ، و من الشـمـس ظهور الحيِن بعـد الحين.
وقالوا: ابـن آدم هو العالَم الكَبير الذي جـمع الله فيه العالَم كلّه ، فكان فيه بـسـالـة اللَّيث ، وصبر الْحِمار ، وحِرص الخترير ، وحـذَر الغــراب ، و روغان الثّعلب ، وضـرع الســنـور ، و حِكاية القِرد ، و جـبـن الصــفـْرِد.
ولما قَـتـل كِسري بزرجمهر وجد في مِنـطـقـتـِهِ مكْتوباً: إذا كان الغدر في الناس طِباعاً فالثقة بالناس عجز، وإذا كان القَدر حقَّاً فالْحِرص باطل ، وإذا كان المَوت راصداً فالطمأنينة حمق.
وقال أبو عمرو بن العلاء: خذ الخَير من أَهـلـه ، ودع الشر لأهله.
وقال عـمـر بن الخطاب رضي الله عـنـه: لا تـنـهـكوا وجـه الأرض فإن شـحـمـتها في وجـهـها. وقال: بِع الحـَيـوان أحسن ما يكون في عـيـنـك . وقال: فَرقوا بين المَنايا ، واجعلوا من الرأس رأسين ، ولا تـلـبـثـوا بـِدرا مـعـجـزة.
وقالوا: إذا قَدمت المصيبة ترِكت التعزية ، وإذا قَـدم الإخاء سمج الثَّناء.
وفي كتاب للهند: ينبغي للعاقل أن يدع التماس ما لا سبِيل إليه ، لئلاّ يعد جاهلاً ، كرجل أراد أن يجري السفن في البر والعـجـلَ في البـحـر ، وذلك ما لا سـبـيـلَ إليه .
وقالوا: إحسان المسيء أن يكف عنك أذاه ، وإساءة المحسن أن يمنعك جدواه.
وقال الحسن البصري: اقدعـوا هذه النفوس فإنها طلعة ، وحادِثوها بالذِّكر فإنها سريعة الدثور ، فإنكم إلاّ تقْدعوها تترع بكم إلى شر غاية.
يقول: حادثوها بالحكمة كما يحادث السيف بالصقال ، فإنها سريعة الدثور يريد الصدأ الذي يعرض للسيف ؛ واقدعوها: من قدعت أنف الجمل ، إذا دفعته فإنها طلَعة ، يريد متطلّعة إلى الأشياء.
قال أردشير بن بابك: إن للآذان مجة ، وللقلوب ملَلا ، ففَرقوا بين الحكمتين يكن ذلك اسـتـِجـمـامـاً.